2020/08/02

منظمة التجارة العالمية والدول النامية

منظمة التجارة العالمية والدول النامية

بانتهاء الحرب العالمية الثانية، شهد العالم تغييرات جذرية في بنيته الاقتصادية حيث بدأت الدول العظمى وضع أسس للعلاقات الاقتصادية الدولية في مرحلة ما بعد الحرب، وقد كان ميلاد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير عام 1944، والتوقيع على الاتفاقية العامة للتجارة والتعريفات (الجات) عام 1947 بمثابة تدشين لنظام عالمي جديد، ورغم أن المؤسستين: "البنك الدولي" و"صندوق النقد" قد أصبحتا كيانين دائمين، إلا أن الاتفاقية العامة للتجارة ظلت كياناً مؤقتاً نظراً لأنها عبّرت عن مصالح الدول المتقدمة، بينما المؤسستان الأخريان -على حد قولهما- يعبرا عن مصالح الدول النامية. وكان الهدف الأساسي من التوقيع على الاتفاقية العامة للتجارة هو: تحرير التجارة الدولية، ووضع القواعد التي تعمل على تنميتها بين الدول الأعضاء. وهذه الأهداف تختلف عن أهداف صندوق النقد الذي يهتم بوضع القواعد التي تحكم السياسات النقدية للدول، والبنك الدولي الذي-كما يعلن- يهدف بالأساس لمساعدة الدول المتعثرة في برامجها التنموية. (خالد حنفي).
شهدت اتفاقية الجات منذ عام 1947 عدداً من التطورات التي آلت في النهاية لإنشاء ما يُسمى بمنظمة التجارة العالمية بدءاً من مفاوضات جنيف عام 1947 وانتهاءاً بجولة أورجواي الأخيرة 15 نيسان 1994 والتي تم الاتفاق فيها على إنشاء منظمة التجارة العالمية حيث أكدت ذلك الوثيقة الختامية للجولة، والتي ورد في مادتها الأولى أن ممثلي الحكومات والجماعات الأعضاء في لجنة المفاوضات اتفقوا على إنشاء "منظمة التجارة الدولية". وقد حددت الوثيقة: نطاق عمل المنظمة، ومهامها، وهيكلها التنظيمي، وعلاقاتها

المنظمات الأخرى، وطرق اكتساب العضوية. وبالفعل تم تنفيذ هذا الاتفاق في كانون ثاني 1995 حيث وثقت المنظمة كل اتفاقيات الجات السابقة، وتقوم منظمة التجارة العالمية على عدد من المبادئ أهمها:

1- مبدأ عدم التمييز:

 وينطوي هذا المبدأ على عدم التمييز بين الدول الأعضاء في المنظمة، أو منح رعاية خاصة لإحدى الدول على حساب الدول الأخرى، وبحيث تتساوى كل الدول الأعضاء في الجات في ظروف المنافسة بالأسواق الدولية، فأي ميزة تجارية يمنحها بلد لبلد آخر يستفيد منها -دون مطالبة- باقي الدول الأعضاء.

2- مبدأ الشفافية:

 يقصد بهذا المبدأ الاعتماد على التعريفة الجمركية وليس على القيود الكمية (التي تفتقر إلى الشفافية) أي أن تكون التعريفة محددة على الكيف إذا اقتضت الضرورة تقييم التجارة الدولية، وبذلك ينبغي على الدول التي يتحتم عليها حماية الصناعة الوطنية، أو علاج العجز في ميزان المدفوعات أن تلجأ لسياسة الأسعار والتعريفة الجمركية مع الابتعاد عن القيود الكمية مثل: الحصص (حصص الاستيراد). ويرجع ذلك إلى أنه في ظل قيود الأسعار يمكن بسهولة تحديد حجم الحماية أو الدعم الممنوح للمنتج المحلي.

3- مبدأ المفاوضات التجارية:

 وهذا المبدأ معناه اعتبار منظمة التجارة العالمية هي الإطار التفاوضي المناسب لتنفيذ الأحكام أو تسوية المنازعات.

4- مبدأ المعاملة التجارية التفضيلية

أي منح الدول النامية علاقات تجارية تفضيلية مع الدول المتقدمة، وذلك بهدف دع
خطط الدول النامية في التنمية الاقتصادية وزيادة حصيلتها من العملات الأجنبية.

5- مبدأ التبادلية:

 يقضي هذا المبدأ بضرورة قيام الدول الأعضاء بالاتفاقية بتحرير التجارة الدولية من القيود أو تخفيضها، ولكن في إطار مفاوضات متعددة الأطراف تقوم على أساس التبادلية؛ بمعنى أن كل تخفيف في الحواجز الجمركية أو غير الجمركية لدولة ما، لا بد وأن يقابله تخفيف معادل في القيمة من الجانب الآخر حتى تتعادل الفوائد التي تحصل عليها كل دولة وما تصل إليه المفاوضات في هذا الصدد، ويصبح ملزماً لكل الدول، ولا يجوز بعده إجراء أي تعديل جديد إلا بمفاوضات جديدة.

الصفحة التالية